صورة «مطيع» بالكلبشة أعادت الأمل / نبيل الغيشان

أعادت صور الفار من وجه العدالة عوني مطيع بـ”الكلبشات” ا لأمل لدى الأردنيين بأن الحديث عن مكافحة الفساد هو كلام

جدي وأن لا مصلحة للدولة بالتستر على أي فاسد أو مجرم أو مخالف للقانون وأن جلبه للعدالة هي مسألة فنية وإدارية. يوم الثلاثاء الماضي قادني حظي إلى أن أقف أمام جلالة الملك عبد االله الثاني على طاولة غداء احتفالات عيد الميلاد فوجهت لجلالته الكلام مباشرةً: «أشكركم باسم كل الأردنيين على جهودكم بجلب عوني مطيع، هذا الإجراء لاقى ارتياحاً لدى الأردنيين ورفع معنوياتهم وأدى إلى إعادة الثقة»، فرد جلالته: «المهم أن تقوم المؤسسات بدورها بعد ذلك».

نعم المطلوب محاكمة عادلة وعلنية وسريعة تكشف كل الحقائق والمعلومات وعدم التستر على أي متورط، ويبدأ ذلك برفع يد الحكومة عن أية معلومة أو إجراء وإناطة ذلك بالقضاء الذي نثق بعدالته.

نأمل أن تضع المحكمة المختصة سيناريو معلناً وواضحاً ومحدداً بأسماء المتورطين عن سوء نية أو غيرها وأماكن التصنيع والبيع وقيمة خسائر الخزينة من الرسوم والضرائب، ووضع كل المعلومات التي يبحث عنها الرأي العام على الطاولة دون مجاملة تأكيداً لسيادة القانون.

فالقضية ليست سياسية أو أمنية، بل هي جريمة اقتصادية أضرت بالاقتصاد من خلال التهرب من ترخيص مصانع والتهرب من دفع الرسوم والضرائب عليها والتي يقال أن قيمتها هبطت خلال السنوات القليلة الماضية من 200.1 مليار دينار إلى 850 مليون دينار في العام 2016.

إذن يجب وضع القضية في إطارها الحقيقي؛ فالمحاكمة قضائية وليست شعبية وتستند للتحقيق والمعلومات من كافة الأطراف والوثائق ولا تستند لرغبات الناس بالإطاحة بفلان أو تشويه صورة علان.

المخيلة الشعبية حاكت الكثير من القصص الحقيقية أو المتخيلة وجاءت بأسماء ومعلومات قد لا تكون صحيحة أو لشخصيات بريئة، ويجب أن لا نرفع سقف التوقعات بنتائج القضية قبل انتهائها، من حيث المتورطين أو قيمة المبالغ التي سيحكم بردها للخزينة أو الأحكام القضائية.

القضية بدأت فصولها منذ 2004 ولم تكتشف إلا بعد وصول أحد مدراء شركة سجائر عالمية ووضعه تقريراً أمام مدير «المواصفات» د. حيدر الزبن يوم 2016/12/23 وتأكيده بأن لدى شركته تقديرات بوجود دخان مصنع ومهرب في الأردن بقيمة 900 مليون دولار.

وبعدها بدأت المداهمات واللجان والتقارير التي أفضت في بداية 2017 إلى مطالبة بغرامات وغيرها بقيمة 155 مليون دينار ومصادرة خطوط إنتاج حاول أصحابها تهريبها إلى العقبة ومن ثم للخارج.

وآخر إجراء جاء بضبط «المواصفات» كمية كبيرة من فلاتر السجائر رغم مصادرة خطوط الإنتاج، إلا أن 3 مسؤولين كبار اتصلوا للاستفسار عن قرار «المواصفات»، حيث فوجئ د. الزبن قبل إحالته على التقاعد بإعادة خطوط الإنتاج المصادرة بدون إعلامه.

وأخيراً أتمنى أن لا نلتفت للشائعات والمعلومات المتداولة التي يهدف بعضها إلى خلط الأوراق واللعب على أعصاب الأردنيين من أجل إفراغ القضية من مضمونها الحقيقي وزيادة الشك لدى الناس بنظامنا السياسي وقضائنا العادل.

وأخيراً فالمتهم ومن معه يمثلون أنفسهم ولا يمثلون عائلاتهم أو عشائرهم أو مناطقهم، فلا للعصبيات القبلية ولا داعي لاجتماعات المناصرة أو بيانات الاحتجاج والتأكيد على نظافة يد فلان أو فلانة، فالقضية أمام القضاء العادل الذي نثق به، وهو من يحدد دور كل شخص متهم أو يبرئ النظيف وتبقى القاعدة القانونية واضحة “المتهم بريء إلى أن تثبت إدانته”